سورة فاطر - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


فاطر السموات والأرض: خالقهما، فَطَرَ الشيءَ أوجده على غير مثال: رسلا: وسائط بينه وبين انبيائه يبلّغون عنه رسالاته. مثنى وثلاث ورباع: اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة اربعة، ما يفتح الله: ما يعطي الله. انى تؤفكون: كيف تُصرفون عن توحيد الخالق، وعن الحق إلى الضلال.
الثناء الجميل والشكر لله تعالى، منشئ هذا الكون وما فيه من خلائق على غير مثال سابق، جاعل الملائكة رسُلا إلى خلقه، ذوي اجنحة متعددة مختلفة. فهو {يَزِيدُ فِي الخلق مَا يَشَآءُ} ان يزيدَ من الأعضاء، لا يعجزه شيء {إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
ولأول مرة يأتي وصف للملائكة بأنهم أشكال، لهم اجنحة متعددة. وليس هذا بغريب، فان بعض المخلوقات لها عدد من الأرجل والاشكال. وفيما نشهده ونراه اشكال لا تحصى من الخلق، وما لا نعلم اكثرُ بكثيرٍ مما نعلم، ولا نعرف إلا القليل القليل عما هو موجود في هذا الكون: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً} [الاسراء: 85].
وبعد أن يقرر الله تعالى انه على كل شيء قدير- يوضح هنا ان كل شيء في هذا الكون بيده، يتصرف فيه كيف يشاء، فحين يفتح الله أبواب رحمته للناس لا يستطيع أحدٌ إغلاقها، ومتى أَمسكها فلا احد يستطع فتحها، فمفاتيحُ الخير ومغاليقه كلها بيده سبحانه وتعالى، {وَهُوَ العزيز الحكيم} صاحب العزة والسلطان والحكمة.
روى ابن المنذر عن عامر بن عبد القيس قال: اربع يات من كتاب الله إذا قرأتُهن فما أبالي ما أُصبح عليه وأمسي:
1- ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل لها من بعده.
2- وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو، وإن يردْك بخير فلا رادّ لفضله.... يونس: 107
3- سيجعل اللهُ بعد عسرٍ يسراً.... الطلاق 7.
4- وما من دابةٍ في الأرض الا على الله رزقها... هود 6
وهذا يعني ان عامر بن عبد القيس كان يقرأ هذه الآيات ويستأنس بها ويعمل بها.
ثم يؤكد الله تعالى في الآية الثالثة أنه الخالقُ الوحيد الذي يرزق عبادَه من السماء والارض، وانه لا اله الا هو، لذلك يجب على الناس جميعاً ان يذكروا نعمة الله عليهم ويحمدوه ويشكروه، ليحفظوا هذه النعم ويؤدوا حقها.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي: {هل من خالق غير الله} بجرّ غيرِ، والباقون: غير بالرفع.


الغرور: بفتح الغين: الشيطان، وقد فسره في الآية التي بعدها. السعير: نار جهنم.
بعد أن قرر الله التوحيدَ وهو أصلُ الأصول في الايمان- ذكر هنا الأصلَ الثاني وهو الرسالة، وسلّى رسوله الكريم عن تكذيب قومه له بأنه ليس ببدعٍ بين الرسل، فقد كُذِّب كثيرٌ منهم قبله، فعليه ان يتأسّى بهم ويصبر على أذى قومه، والى الله مرجعُ الجميع.
ثم ذكر الأصل الثالث وهو البعثُ والنشور، وانه حق لا شك فيه... فلا تغرَّنكم الحياة الدنيا، فيذهلكم التمتعُ بها وبزخرفها عن طلب الآخرة، ولا يخدعنّكم الشيطان عن اتّباع الرسول، ان الشيطان لكم عدوٌّ قديم فلا تنخدعوا بوعوده، واحذروا منه واتخذوه عدوا حقيقيا.
{الذين كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}
الذين كفروا من أتباعِ الشيطان واغتروا به هم أصحابُ النار، يقابلهم الذين آمنوا فلم ينخدعوا باقوال الشيطان، بل آمنوا بالله وعزّروا إيمانهم بالعمل الصالح... وهؤلاء اصحاب الجنة {لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} من الله.
ثم بيّن البعدَ بين الفريقين: الضالين والمهتدين، واختلاف حالهم فقال: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً}
أفمن زين له الشيطان عمله السيّء فرآه حسنا هو في الواقع كمن هداه الله فرأى الحسنَ حسنا والسيء سيئا؟ انهما لا يستويان أبدا.
{فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ}
يضلّ من يشاء من الجاحدين الذين ارتضوا سبيل الضلال، ويهدي من يشاء ممن اختاروا سبيل الهداية.
ثم يخاطب الرسولَ الكريم حتى يسليه فيقول: {فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
فلا تُهلك نفسَك حزناً على الضالين الذين لم يؤمنوا وحسرةً عليهم، ان الله محيط علمه بما يصنعون من شر فيجزيهم به.


ارسل الرياح: أطلقها. تثير: تحرك. بلد ميت: لا نبات فيه. النشور: إحياء الاموات يوم القيامة. العزة: الشرف والمنعة. يبور: يفسد ويهلك من البوار وهو الهلاك. ازواجا: اصنافا، ذكورا واناثا. يعمّر: يمد في عمره: طال عمره.
الله الذي يرسل الرياحَ فتحرّك سحاباً كان ساكنا، فيسوقه إلى بلدٍ ميتٍ لا نبات فيه، فيحيي به أرضَها بعد جدْبها ويبسها، كذلك يحيي الامواتَ ويبعثهم للحشر يوم القيامة.
من كان يريد الشرف والمَنَعة فإنهما لله جميعا يَهبُهما لمن يطيعه، إليه يرتفع الكلام الطّيب والعملُ الصالح فيقبلهما ويثيب عليهما، وللذين يمكرون ويدبّرون المكائد للمؤمنين عذابٌ شديد، أما تدبيرهم ومكرهم فهو فاسد لا قيمة له ولا يحقق غرضاً.
والله تعالى خلقكم ايها البشَر من تراب، ثم خَلَقَكم من نطفة هي الماء الذي يصبّ في الأرحام، ثم جعلكم ذكوراً واناثا. وما تحمل انثى ولا تضع حَملها الا بعلمه تعالى، وما يمد في عمرِ أحدٍ ولا ينقص من عمره الا مسجَّلٌ في كتاب، ومقرر في علم الله القديم.
{إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ}.
قراءات:
قرأ ابن كثير والكسائي: {الريح} بالافراد. والباقون: {الرياح} بالجمع. وقرأ نافع وحمزة اولكسائي وحفص: {الى بلد ميّت} بتشديد الياء. والباقون {ميت} بسكون الياء. وقرأ يعقوب وحده: {ولا ينقص} بفتح الياء. وضم القاف. والباقون: {ولا ينقص} بضم الياء وفتح القاف.

1 | 2 | 3